أخي الحبيب.. هل فكرت يومًا كم عشت؟ وكم ستعيش؟... نعم الأعمار بيد الله، ولكن هل تتفق معي أن الله خلقنا لعبادته، فوظيفتنا التي جئنا من أجلها على الأرض هي عبادة الله.
فهل تذكرت بكم سنة عبادة سنقابل بها ربنا يوم القيامة؟
تعال نحسبها سويًّا.. لقد قال النبي: «أعمار أمتي ما بين ستين إلى سبعين وأقلهم من يجوز ذلك» صحيح الجامع، إذًا 60 سنة، 20 سنة نوم (بمعدل 8 ساعات نوما يوميًّا) 15 سنة (ما قبل البلوغ)، 5 سنوات (أكل ووقت فراغ) = 20 سنة. تبقي من العمر 20 سنة تحتوي على ساعات العمل بلا شك.
فبكم سنة عبادة خرجنا من دنيانا؟! حتى ولو حسبنا عمرنا كله عباده، 60 سنة، يساوي ثلاث دقائق فقط إذا وزن بيوم القيامة (مائة ألف سنة).
إذًا أمامنا مشكلة عظيمة وهي قصر أعمارنا (إذا قورنت بأعمار الأمم السابقة) مع كثرة التكاليف المأمورين بها، مع ضرورة الكسب والسعي على المعاش.
فما الحل؟ الحل: هو أن نحاول أن نطيل أعمارنا بشتى الطرق، ولكن كيف ذلك؟
أولًا: أطالة العمر حقيقة عن طريق صلة الرحم:
في الحدث المتفق عليه: «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه»، وفي الحديث الصحيح [صحيح الجامع]: «صلة الرحم تزيد العمر».
حسن الخلق، حسن الجوار: ففي الحديث الصحيح [صحيح الجامع]: «وصلة الرحم، وحسن الخلق، وحسن الجوار، يعمران الديار ويزيدان في الأعمار».
ثانيًا: إطالة العمر بالإعمال ذات الأجور المضاعفة:
إن العمر الحقيقي للإنسان ليس هو السنين التي يعيشها، إنما عمره الحقيقي بقدر ما يكتب له من رصيد الحسنات، وهذه الأعمال تجعله يكسب أكبر قدر من الحسنات في أقصر فترة زمنية ليصبح عمره الإنتاجي يفوق عمره الزمني، وهذه الأعمال تجعل عندك حسنات لا تستطيع أن تحصل عليها إلا بتعميرك آلاف السنين، ولكنك بالحرص عليها استطعت أن تفعل في قدر زمني بسيط ما لا يفعله غيرك إلا في آلاف السنين.
أ- الصلاة:
الإكثار من الصلاة في الحرمين الشريفين: ففي الحديث الصحيح [صحيح الجامع]: «صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيما سواه» أي أن ركعتين في الحرم المكي تساوي 200000 ركعة. وفي صحيح مسلم: «من واظب على اثنتي عشرة ركعة تطوعًا في اليوم والليلة بني له قصر في الجنة».
المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد:
ففي البخاري: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة» أي أن ما يحصل عليه رجل من ثواب صلاته في المنزل خلال سنة يمكن أن تكسبه أنت في سنة واحدة إذا صليت الصلوات الخمس جماعة في المسجد.
أداء النافلة في البيت:
ففي الحديث الصحيح [صحيح الجامع]: «صلاة الرجل تطوعًا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسًا وعشرين» أي أن مجموع الحسنات التي يحصل عليها من صلي النوافل في المسجد خلال 25 سنة، يمكن أن تكسبها أنت خلال سنة واحدة إذا صليتها في المنزل.
التحلي ببعض آداب الجمعة:
ففي الحديث [صحيح الجمع]: «من غًسَّل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومش ولم يركب، ودنا من الأمام، فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة، أجر صيامها وقيامها». الله أكبر على فضل الله، لو مشي ألف خطوة كأنك عشت ألف سنة تصوم النهار وتقيم الليل، هذا في جمعة واحدة فما بالك لو حافظت على ذلك عشر سنين.
ب- الحج والعمرة:
تحجيج عدد من الفقراء كل عام من مالك: فيكتب لك ثواب حجهم من غير أن تنقص من أجرهم ففي صحيح مسلم: «من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا».
المحافظة على الإشراق:
ففي الحديث الحسن: «من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلي ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة» صحيح الترمذي، فما أعظم فضل الله، أي أنك تستطيع أن تنال ثواب حجه وعمره يوميًّا إذا واظبت على ذلك.
حضور دروس العلم والمحاضرات في المساجد:
ففي الحديث الصحيح صحيح الترغيب والترهيب: «من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرًا ويعلمه كان له كأجر حاج تامًّا حجته».
الاعتمار في شهر رمضان:
ففي صحيح البخاري: «عمرة في رمضان تعدل حجة معي».
أداء الصلاة المكتوبة في المسجد:
ففي الحديث الصحيح [صحيح أبي داود]: «من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين». فمن يحافظ على ذلك يأخذ ثواب 1800 حجة في العام الواحد كأنه عمر 1800 سنة، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.
الصلاة في مسجد قباء:
ففي الحديث الصحيح [صحيح الجامع]: «من تطهر في بيته ثم أتي مسجد قباء فصلي فيه كان له كأجر عمره».
ج- أن تكون مؤذنًا أو تردد ما يقول المؤذن:
ففي الحديث الصحيح [صحيح الترغيب والترهيب]: «إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم والمؤذن يغفر له مدي صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس وله أجر من صلي معه» فلو صلي مائة مصلي في خمس فرائض يأخذ ثواب خمسمائة صلاة ويستطيع غير المؤذن أن ينال هذا الثواب بأن يردد خلف المؤذن مثل ما يقول.
د- الصيام:
صيام أيام مخصوصة:
ففي صحيح مسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر». وهكذا تأخذ ثواب صيام سنة وأيضًا: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر»، صيام يوم عرفة لغير الحاج.
تفطير الصائمين:
ففي الحديث الصحيح [صحيح الجامع]: «من فطر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا» فإذا أفطرت عشرة نلت ثواب صيام عشرة أيام.
هـ- قيام ليلة القدر:
قالي تعالي: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي تكتب لك عبادة 83 سنة و 3 شهور. فإذا اعتكفت العشر الأواخر- نلتها بلا شك- فإذا اعتكفت 10 سنوات تكتب لك عبادة 832 سنة.
و- الجهاد في سبيل الله:
ففي الحديث الصحيح: «مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل عند الله من عبادة رجل ستين سنة» [صحيح الجامع 5151].
فإذا عجزت عن الجهاد بنفسك فجاهد بمالك، شريطًا أو كتيبًا، أو ساهم في طبع مطوية أو كتيب أو غير ذلك فإن الله قد قدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس.
س- العمل الصالح في عشر ذي الحجة:
ففي صحيح البخاري: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلي الله من هذه الأيام العشر». فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، ولم يرجع من ذلك بشيء».
ح- تكرار بعض سور القرآن:
ففي الحديث الصحيح [صحيح الجامع 4405]: «{قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن، و{قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن» فهل تعجز عن تكرار هذه السور التي بها تنال عد قراءة القرآن أكثر من مرة.
ط- التسبيح المضاعف:
ففي صحيح مسلم: «لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته» وفي صحيح الجامع: «أفلا أدلك على ما أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار؟ تقول الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في السموات والأرض، والحمد لله عدد ما أحصي كتابه، والحمد لله ملء ما أحصي كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء وتسبح الله مثلهن ثم قال: تعلمهن عقبك من بعدك» فهل تعجز عن حفظ ذلك؟
ك- قضاء حوائج الناس:
ففي صحيح الجامع 176: «ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرًا» فلا تمل من قضاء حوائج المسلمين فإن هذا فيه الحسنات التي لا تعد.
ثالثًا: إطالة العمر بالأعمال الجاري ثوابها إلى ما بعد الممات:
أخي الحبيب هل ترغب أن تظل حسناتك ترتفع إلى مولاك حتى بعد مماتك؟! استمع إلى حبيبك صلى الله عليه وسلم: «أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت: رجل مات مرابطًا في سبيل الله، ورجل علم علمًا فأجره عليه ما عمل به، ورجل أجري صدقه فأجرها تجرى عليه ما جرت عليه ورجل ترك ولدًا صالحًا يدعو له».
المصدر: موقع المنبر العلمي.